النسخ فى القرآن الکريم بين الأصوليين والحداثيين

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة -جامعة الأزهر

المستخلص

ملخص البحث
النسخ فى القرآن الکريم بين الأصوليين والحداثيين


    إن النسخ له معان متعددة فى لغة العرب منها الإبطال والإزالة، ومنها نقل الشىء تقول نسخت الکتاب أى نقلته، وعلى إثر تعدد معانى النسخ فى اللغة تعددت أيضا تعريفات الأصوليين للنسخ وإن کان يمکن القول أن تعريفات الأصوليين لا تخرج عن کون النسخ رفعا للحکم أو إبطالا له بحکم متراخ عنه، أما الحداثيون فيرون أن معانى النسخ فى اللغة متناقضة حيث إن النسخ قد يکون بمعنى الإبطال أو النقل، والأول محق والثانى إبقاء وهذا يدل على مستوى متواضع فى اللغة لم يستطع صاحبه بين الاستعمال الحقيقى، والاستعمال المجازى؛ أما عن تعريف الحداثيين للنسخ فمنهم من ذهب إلى أن النسخ بالمعنى الأصولى محض اختراع من الأصوليين، اضطروا إليه حتى يستطيعوا التعامل مع الکم الهائل من الآيات المتناقضة!!! ومنهم من ذهب إلى أن النسخ هدم للمطلق، وفتح للمغلق الخ، ولايخفى مراد هؤلاء.
    أما عن أدلة وقوع النسخ فقد تباينت المواقف حتى فى المدرسة الواحدة فمن الأصوليين من يرى أن النسخ واقع بين الشرائع وفى الشريعة الواحدة، ومنهم من ذهب إلى أنه لانسخ فى القرآن؛ لأن النسخ ضرب من الباطل، والقرآن منزه عن ذلک، ومنهم من يرى إلى أن النسخ متوجه للآيات الحسية التى لم يؤمن بها السابقون. وأما الحداثيون فمنهم من أقر بوقوع النسخ ولکنه يدعو لاستمراره حتى بعد وفاة النبى (e)، ومنهم من ذهب إلى أن النسخ واقع فى أم الکتاب وليس فى القرآن ومنهم من ذهب إلى أن النسخ متوجه إلى الآية الحسية کما قيل من قبل.
    أما عن أنواع النسخ فإن نسخ التلاوة والحکم، أوالتلاوة دون الحکم هما محل نزاع بين العلماء منهم من أجاز اعتمادا على بعض آثار صحت عن الصحابة، ومنهم من منع لأن هذه الآثار على الرغم من النزاع حول فهمها إلاأنها أخبار آحاد لا تصل إلى رتبة أن يثبت بها قرآن وهذا الرأى الأخير هو الأولى بالقبول لأن البحث العلمى الموضوعى ينتهى إليه وحتى لا نفتح باب شر على الأمة اعتمادا على بعض مرويات متکلم فى سندها ومتنها، ولهذا فإن الحداثيين رأوا فى نسخ التلاوة والحکم، أو التلاوة دون الحکم فرصة سانحة من أجل الإجهاز على مصداقية القرآن الکريم وتواتره.
    أما عن نسخ الحکم دون التلاوة فإن هذا النوع من النسخ هوالمجمع عليه إلا عند من ينکر النسخ أصلا، وهو واقع فى القرآن ولاسبيل إلى إنکاره؛ لأن الآية الناسخة والمنسوخة قد ثبتت قرآنيتهما بالتواتر، ومازالتا باقيتين فى المصحف، يتعبد بتلاوتهما، وأن هذا النوع من النسخ يدل على رحمة الله بعباده، وعلى تدرج الشريعة، وليس فيه مايستلزم القول بالبداء، أوأن کتاب الله لم يفقد منه شىء ومع هذا کله فإن الآيات المنسوخة ليست معطلة، وإنما يمکن تطبيق هذه الآيات إذا تحققت جملة من الشروط يمکن معها تطبيق الآية المنسوخة على وجهها الصحيح کما سبق بيان ذلک.
    ومهما يکن من شىء فلا بد من نقد داخلى لبعض قضايا التراث الشائکة، ووضعها على بساط البحث العلمى النزية حتى لانترک الفرصة لأصحاب القلوب المريضة، والذين يتربصون بالأمة الدوائر أن يطعنوا الأمة فى أقدس ما تؤمن به ألا وهو القرآن الکريم الذى تعهد الله بحفظه فقال: ﱡﭐ   الحجر آية 9.

الكلمات الرئيسية


A Summary of a Research Paper on An-Naskh' (Abrogation) between the Scholars of the Principles of Islamic Jurisprudence and the Modernists

     In the Arabic language Naskh' (Abrogation) has many meanings including nullification and supersession, and copying as in "I copied a book". As a result, the scholars of Usul Al-Fiqh (The principles of Islamic jurisprudence) came up with many technical definitions for Naskh', however, it is safe to say that Naskh', in essence, is an abrogation for a ruling with a subsequent one. On the other side, the modernists hold the view that, linguistically, abrogation has contradictory meanings as abrogation could mean removal or copying; the first denotes removable of a thing while the second signifies maintaining it. However, this reflects a shallow understanding of the Arabic language that cannot distinguish between the literal and the figurative usage of the language.

     As for modernists' approach to the definition for Naskh', some maintain that in the Usuli sense it is a mere fabrication necessitated to reconcile the big number of contradictory verses, while others argue that naskh' is a deconstruction for the absolute and opens the door for ambiguity ,however, their sinister aim is obvious.

     In terms of the occurrence of Naskh', even within the same school of jurisprudence, variant positions are can be observed. As there are Usuli scholars who maintain that, naskh' is possible between different legislations and within the same legislation, while there are those who maintain the view that there can be no naskh in the Quran, while others maintain that naskh' in the Quran is only possible regarding the  tangible verses and signs that were denied by previous nations. With regard to the modernists, some acknowledge the occurrence of naskh' but claim its possibility even after the life of Prophet Muhammad PBUH.

     As for the types of naskh', both the abrogation of recitation and ruling, and the abrogation of only recitation are an issue of dispute among the Muslim scholars. Some said they are possible relying on some traditions from the companions, while other scholars said they are not possible, arguing that these traditions are one-man narratives and cannot be relied on to prove the authenticity of qur'anic verses. The latter opinion is more acceptable as objective academic research leads up to it and so as to not to open the door for sinister plans on the basis of questionable traditions with regards to both the main text and the chain of narration.

It is for this reason, some modernists found in both the abrogation of recitation and ruling, and the abrogation of only recitation an opportunity cast doubts on the authenticity of the Quran.

     The agreed upon type of naskh', is the naskh' of the ruling but not its quranic recitation, with the exception of those who dismiss the occurrence of naskh' in the Quran all together. This type of naskh' is one of the aspects of the mercy of Allah towards His worshippers and reflects the graduality in legislation. This type can not justify the claim that the knowledge of Allah does not encompass all times, rather the applicability of the rulings of such verses is conditional depending the availability of certain factors.

     There exists definitely the need for an internal academic self-critique with regard to the classical books and particularly as far as the Noble Quran is concerned, the book regarding which Allah states:

 ﱡﭐ  ﱠ  (الحجر: 9)

     Indeed, it is We who sent down the Qur'an and indeed, We will be its guardian. (Surat Al-Ĥijr: 9)

أولا: القرآن الکریم
1- الإتقان فى علوم القرآن، الإمام جلال الدین السیوطى، الهیئة العامة المصریة للکتاب، 1394هـ1974م.
2- الإحکام فى أصول الأحکام، على بن أحمد بن حزم الأندلسى، دار الحدیث، 1404هـ.
3- الإحکام فى أصول الأحکام، على بن محمد الآمدى، تحقیق الشیخ:       عبد الرزاق عفیفى، دار الصیمعى، ط1 -1424هـ2003م.
4- إرشاد الفحول إلى تحقیق الحق من علم الأصول، محمد بن على بن محمد الشوکانى، تحقیق: أحمد عزو، دار الکتاب العربى، ط1 -1999م.
5- الأصول من علم الأصول، محمد بن صالح العثیمین، دار ابن الجوزى، ط1-1426هـ.
6- إعجاز القرآن والبلاغة النبویة، مصطفى صادق الرافعى، دار الکتاب العربى، بیروت لبنان، ط 2-1393هـ1973م.
7- الأعلام، خیر الدین بن محمود بن محمد بن علی الزرکلی، الناشر: دار العلم للملایین، ط 15.
8- الآیات المنسوخة فى القرآن الکریم، د. عبدالله بن محمد الأمین الشنقیطى، مکتبة ابن تیمیة، القاهرة.
9- البرهان فى علوم القرآن، بدر الدین الزرکشى، تحقیق: محمد أبى الفضل إبراهیم، دار إحیاء الکتب العربیة عیسى البابى الحلبى، ط1376هـ - 1957م.
10- تاج العروس من جواهر القاموس، محمد بن محمد بن عبد الرازق الحسینى، باب نسخ دار الهدایة.
11- تاریخ القرآن، د. عبدالصبور شاهین، نهضة مصر، ط3 -2007هـ.
12- تاریخیة الفکر العربى الإسلامى، د. محمد أرکون، ترجمة: هاشم صالح – مرکز الإنماء القومى، بیروت ط2 -1996م.
13- التحریر والتنویر، الطاهر بن عاشور، الطبعة التونسیة، دار سحنون للنشر والتوزیع، 1997م.
14- تفسیر القرآن الحکیم (تفسیر المنار)، محمد رشید رضا، الهیئة العامة المصریة للکتاب 1990م.
15- تفسیر القرآن العظیم، الإمام: أبو الفداء إسماعیل بن عمر بن کثیر، سامی بن محمد سلامة، دار طیبة للنشر والتوزیع الطبعة: الثانیة 1420هـ - 1999م.
16- جامع البیان فی تأویل القرآن، محمد بن جریر جعفر الطبری، تحقیق الشیخ: أحمد محمد شاکر، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420هـ - 2000م.
17- الجامع الصحیح المختصر، الإمام محمد بن إسماعیل أبو عبدالله البخاری الجعفی، دار ابن کثیر، الیمامة – بیروت الطبعة الثالثة، 1407هـ - تحقیق: د. مصطفى دیب البغا 1987م.
18- الجامع الصحیح المسمى صحیح مسلم الإمام، أبو الحسین مسلم         بن الحجاج بن مسلم القشیری النیسابوری، الناشر: دار الجیل بیروت.
19- جدلیة الخطاب والواقع، یحیى محمد، مؤسسة الانتشار العربى 2009م.
20- حجة القراءات، عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، تحقیق: سعید الأفغانى ط2 -1402هـ-1982م.
21- الحداثة وموقفها من السنة، د. الحارث فخرى عیسى عبدالله، دار السلام ط1 2013م.
22- ذوق الحلاوة ببیان امتناع نسخ التلاوة، عبدالله بن محمد بن الصدیق الغمارى، دار الإمام النووى، ط1 - 2008م.
23- روضة الناظر وجنة المناظر فی أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، الإمام: عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسى، تحقیق: د. شعبان محمد إسماعیل الریان، للطباعة والنشر ط 2-1423هـ - 2002م.
24- السلسلة الضعیفة، الشیخ: محمد ناصر الدین الألبانى، مکتبة المعارف ط1.
25- سند أمیر المؤمنین أبی حفص عمر بن الخطاب ((t وأقواله على أبواب العلم الإمام ابن کثیر، تحقیق: عبد المعطی قلعجی، دار الوفاء، المنصورة ط1 1411هـ.
26- شرح مشکل الآثار أبوجعفر أحمد بن محمد الطحاوى، تحقیق: شعیب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ط1-1415هـ - 1994م.
27- فتح البارى شرح صحیح البخارى، الإمام: ابن حجر العسقلانى، دار المعرفة، بیروت 1379هـ.
28- فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت، للعلامة: عبد العلى محمدبن نظام الدین السهالولى، تحقیق: عبدالله محمود محمد، دار الکتب العلمیة، بیروت ط1 1423هـ - 2002م.
29- الکتاب والقرآن، محمد شحرور، الأهالى للطباعة والنشر والتوزیع.
30- کیف نتعامل مع القرآن، الشیخ: محمد الغزالى، مدارسة أجراها عمرو عبید حسنة، طبعة نهضة مصر، ط7-2005م.
31- لسان العرب جمال الدین ابن منظور، تحقیق: عبدالله على الکبیر وآخرین، دار المعارف.
32- المحصول فى أصول الفقه القاضى أبوبکر بن العربى، تحقیق: حسین على البدرى وآخرین، دار البیارق عمان.
33- المدخل لدراسة القرآن الکریم، محمد محمد أبو شهبة، ص335، مکتبة السنة القاهرة، ط2 -1423هـ - 2003م.
34- المستصفى فى علم الأصول، الإمام الغزالى تحقیق: محمد عبدالسلام عبدالشافى، دار الکتب العلمیة، بیروت 1413هـ.
35- مفهوم النص دراسة فى علوم القرآن، نصر حامد أبو زید، المرکز الثقافى العربى، الدار البیضاء المغرب، ط1 –2004م.
36- ملتقط جامع التأویل لمحکم التنزیل، لأبى مسلم الأصفهانى جمعه سعید الأنصارى الهندى، طبع بمدینة کلکتا المحروسة، بمطبعة البلاغ 1330هـ.
37- من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامى، د. محمد أرکون، ترجمة هاشم صالح، دار الساقى ط1-1991م.
38- من النص إلى الواقع محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، الدکتور: حسن حنفى، الهیئة العامة المصریة للکتاب.
39- منهاج الوصول إلى علم الأصول، الإمام: ناصر الدین البیضاوى، تحقیق د. شعبان محمد إسماعیل، دار ابن حزم للطباعة والنشر، بیروت لبنان ط1- 2008م.
40- المنهاج شرح صحیح مسلم، بن الحجاج الإمام یحیى بن شرف الدین النووى، دار إحیاء التراث العربى، بیروت ط2 -1392هـ.
41- النبأ العظیم، د. محمد عبدالله دراز، دار الثقافة، الدوحة ط 1985م.
42- النبوة من علم العقائد إلى فلسفة التاریخ محاولة فى إعادة بناء العقائد،         د. على المبروک، دار التنویر.
43- النسخ عند الأصولیین، د. على جمعة، نهضة مصر، ط1 -20 05م.
44- النسخ فى القرآن الکریم دراسة تشریعیة تاریخیة، د. مصطفى زید دار الوفاء للطباعة والنشر، ط3 -1408ه -ـ1987م.
45- النص القرآنى أمام إشکالیة البنیة والقراءة، د. طیب تیزینى، دار الینابیع دمشق 1997م.
46- نظرات فى القرآن، الشیخ محمد الغزالى، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزیع 2005م.
47- نظریة النسخ فى الشرائع السماویة، د. شعبان محمد إسماعیل– دار السلام للطباعة والنشر، ط1 -1408ه - ـ1988م.
48- وقال الإمام المبادىء العظمى، الدکتور: على جمعة، الوابل الصیب الطبعة الأولى 2010م.