يعد هذا البحث همزة وصل بين الفكر الإسلامي الأصيل المُتمثل في تراث السادة الأشاعرة والإمام الغزالي، وبين الفلسفة الحديثة المتمثلة في كبار فلاسفة العصر الحديث نيكولا مالبرانش، ودايفيد هيوم في معالجة قضية السببية معالجة عقلية قائمة على دحض العلاقة الضرورية بين الأسباب والمسببات. فقد رفض الإمام الغزالي السببية الطبيعية انطلاقًا من أن الاقتران المشاهد في الوجود بين الأسباب والمسببات هو محض اقتران على مجرى العادة وليس اقتران تلازم بالضرورة، فالمشاهدة تدل على الحصول عنده ولا تدل على الحصول به، والوجود عند الشيء لا يدل على أنه موجود به. وهذه الفكرة هي نفسها التي صاغها مالبرانش في مفهوم فلسفي "العلة الظرفية "أو العلة المناسبة التي هي محض ظرف تتجلى من خلاله وعنده أو بمناسبته الفاعلية الإلهية، فالعلل الظرفية عند مالبرانش لا تفرض بين الأشياء ارتباطا ضروريًا بل تقول بحصول المعلول عند وجود العلة لا بحصولها بها فمالبرانش لم ينف السببية كما نفاها الإمام الغزالي فحسب، بل نفاها بالمنطق نفسه وبالأدلة نفسها التي استخدمها الغزالي لذا قيل أن مالبرانش هو غزالي المسيحية. كما اتفق دايفيد هيوم مع حجة الإسلام في إنكار السببية والقول بالعادة فأرجع كل منهما ضرورة التلازم بين ما يسمى سببًا وما يسمى مسببًا إلى العادة فقط، منتقدين كل الأدلة التي تثبت الضرورة العقلية، إلا أنهما اختلفا في الهدف والغاية من هذا الإنكار فإذا كان الغزالي يؤكد على توحيد الله في أفعاله ويثبت المعجزات، فإن هيوم يشك في وجود الله وينكره. هذا وكان من نتائج البحث أنه على الرغم من وجود تباين في الدوافع والأرضيات الاعتقادية بين حجة الإسلام وبين مالبرانش وهيوم إلا أن موقفهم من السببية كان متشابها مما يدل على أن فلاسفة العصر الحديث في أكثرية الأمر مقلدين أو ناقلين للفكر الإسلامي. This research serves as a bridge between authentic Islamic thought, represented by the heritage of the Ash‘arī scholars and Imam al-Ghazālī, and modern philosophy, represented by leading philosophers of the modern era such as Nicolas Malebranche and David Hume, in their rational treatment of the issue of causation based on refuting the necessary relationship between causes and effects. Imam al-Ghazālī rejected natural causation on the premise that the observable conjunction in existence between causes and effects is merely a conjunction according to custom, not a necessary concomitance. For him, observation indicates that an effect occurs, but does not indicate that it occurs by that cause; the existence of something does not prove that it exists by that cause.This same idea was formulated by Malebranche in his philosophical concept of the"occasional cause "or"suitable cause, "which is merely the occasion through which divine activity is manifested. For Malebranche, these occasional causes do not impose a necessary connection between things, but assert that the effect occurs upon the existence of the cause, not by it. Thus, Malebranche did not only negate causation as al-Ghazālī did, but he did so using the same logic and arguments employed by al-Ghazālī, which is why he has been called the"Ghazālī of Christianity.”David Hume likewise agreed with the argument of the Imam in denying causation and attributing all necessary conjunction between what is called a cause and what is called an effect to custom alone, critiquing all proofs for logical necessity. However, they differed in their aims and goals: whereas al-Ghazālī affirmed God’s unity in His actions and upheld miracles, Hume doubted and denied the existence of God.The study concluded that, despite differences in the underlying motives and doctrinal premises between the Imam of Islam and Malebranche and Hume, their positions on causation were similar, indicating that most modern philosophers have borrowed or transmitted Islamic thought.
أحمد, هبة الله علي السيد. (2025). الأبعاد العقدية لمبدأ السببية في الفكرين الإسلامي والغربي الحديث "الإمام الغزالي، نيكولا مالبرانش، دايفيد هيوم " نماذج تطبيقية. مجلة كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية, 44(44), 124-241. doi: 10.21608/bfdm.2025.441381
MLA
هبة الله علي السيد أحمد. "الأبعاد العقدية لمبدأ السببية في الفكرين الإسلامي والغربي الحديث "الإمام الغزالي، نيكولا مالبرانش، دايفيد هيوم " نماذج تطبيقية", مجلة كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية, 44, 44, 2025, 124-241. doi: 10.21608/bfdm.2025.441381
HARVARD
أحمد, هبة الله علي السيد. (2025). 'الأبعاد العقدية لمبدأ السببية في الفكرين الإسلامي والغربي الحديث "الإمام الغزالي، نيكولا مالبرانش، دايفيد هيوم " نماذج تطبيقية', مجلة كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية, 44(44), pp. 124-241. doi: 10.21608/bfdm.2025.441381
VANCOUVER
أحمد, هبة الله علي السيد. الأبعاد العقدية لمبدأ السببية في الفكرين الإسلامي والغربي الحديث "الإمام الغزالي، نيكولا مالبرانش، دايفيد هيوم " نماذج تطبيقية. مجلة كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية, 2025; 44(44): 124-241. doi: 10.21608/bfdm.2025.441381