التروك النبوية بين السنية والبدعية، دراسة تأصيلية.

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الحديث الشريف وعلومه- كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية- جامعة الأزهر-.

المستخلص

إن منهج أهل الحق الاتباع، ومخالفة أهل الزَّيغ والابتداع، فالاتباع لزوم السنة، والابتداع مخالفتها والزَّيغ عنها؛ فخَيْرُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
ولقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- أشد الناس حرصًا على الاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم في كل أحواله؛ فقد كانوا يبحثون عن أفعاله كما يبحثون عن أقواله، ويستقرئون جميع حركاته وسكناته؛ فكان صلى الله عليه وسلم القدوة يقتدون به ويسيرون على دربه، حتى إنهم لينقلون عنه الترك كما ينقلون عنه الفعل وغيره؛ لما استقر في أذهانهم أن ذلك كله تشريع؛ فكل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم يعد تشريعًا وتكليفًا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يشرع بالترك، كما يشرع بالقول أو الفعل أو التقرير.
ولما كان الترك النبوي منه ما هو مقصود؛ لوجود المقتضى له في زمانه صلى الله عليه وسلم، ومنه غير المقصود؛ لعدم وجود المقتضى له في زمانه صلى الله عليه وسلم؛ لذا اختلفت الأنظار فيه بين السنة والبدعة، واشتبه أمر الترك في بعض صوره؛ إذ الأمر في معرفة ذلك راجع إلى الاجتهاد في فهم ترك النبي صلى الله عليه وسلم لأمر من الأمور؛ فما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضى له: فإما أن يكون له مانع من الفعل، أو ليس له مانع، فما كان له مانع فهو الترك المسبب، فإن زال السبب فلا حرج من الفعل، وما لا مانع له فمقتضى الشرع الإبقاء عليه دون زيادة أو نقصان، وهو ما يعبر عنه بالسنة التركية؛ لأن الترك على تلك الحالة هو الاتباع ودونه هو الابتداع، وأما ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولا مقتضى له في زمانه، فإذا وُجِد المقتضى له بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا حرج من الفعل إذا كان راجعًا إلى باب الاجتهاد الملائم لقواعد الشريعة؛ فسنة النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون بالفعل تكون بالترك؛ فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بترك ما فعل نبيه صلى الله عليه وسلم، كذا لا يتقرب إليه بفعل ما ترك؛ فلا فرق بين الفاعل لما ترك والتارك لما فعل.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية